فرقة المنقية.. المغاوير الشجعان حماة الدرعية في عصر الدولة السعودية الأولى

المنقية وتعني المختارة.. وهي فرقة عسكرية انتقى الإمام سعود بن عبد العزيز أفرادها بنفسه، وفق شروط معينة، ولهذا عرفت بين الناس باسم “المنقية“، ونروي قصتها على لسان أحد فرسانها، لتكون أسهل لكـم علـى فهمها.

أقرأ أيضًا:

كسوة الكعبة في عهد الدولة السعودية الأولى و الإمام سعود الكبير

المجلس في عصر الدولة السعودية الأولى.. جذور متأصلة في التاريخ السعودي

الفن والموسيقى في عصر الدولة السعودية الأولى.. الربابة و الطنبور للأهازيج وبث الحماسة

فربة المنقية والامام سعود

كانت الحياة في قريتنا جميلة، وكان الجميع يعيش في رخاء وأمن في ظل أئمة الدولة السعودية، فمنذ أن سعى الإمام محمد بن سعود إلى توحيد البلاد ونشر الأمن ونبذ التفرقة، ونحن نعيش ثمار ذلك، وبعد وفاته ســار ابنه الإمـام عبد العزيز على نهجه و خطاه، فتوسع في توحيد مناطق أخرى، ثم حل عهد الإمام سعود الذي نعيش تحت ظلاله.

وذات يوم كنت في مزرعتي ، أركب خيلي وأتمرن على المبارزة مع ابن عمي ، ونتبارى على هدف نحاول إصابته ببنادقنا، وبعد أن تعبنا جلسنا تحت ظل نخلة نستظل بظلها ونتناول ،تمرها، إذ قال لي ابن عمي

أراك ماهرا في إصابتك للهدف، وبارعا في ركوب الخيل.

قلت له: لا يخفى عليك يا ابن عمي أني كنت مقاتلا مع جنود الدولة ضد أعدائها ومن يحاول زعزعة الأمن فيها. سکت ابن عمي قليلا، ثم قال: سمعت أن الإمام سعود بن عبد العزيز يعمل حالياً على تكوين فرقة عسكرية مــن أعظم شجعان القوم ومغاويرهم وعزم على توطينهم في الدرعية؛ ليكونوا على مقربة منه، ولا استبعد أبداً أن تكون ضمن اختیاراته، لما عرف عنك من شجاعة وقوة.

وبالفعل تحقق مـا توقعـه ابـن عمـي إذ جاءني بعد أسبوع مبعوث من الإمام يدعوني للحضور إلــى قـصــره بالدرعية، فلبيت الدعوة، وامتثلت أمامه أنا وبقية الفرسان الذين تمت دعوتهم وكان عددنا يقارب الـ ٣٠٠ رجل، فقال لنا: إني اصطفيتكم لتكونوا حرساً خاصاً، وقوة احتياطية مجهزة أبعث بها إلى الجيوش لتسندهم ساعة حاجتهم في الحرب، ومن يقبل منكم سأتكفل بمؤنة أسرته، وسأوفر له أفضل أنواع الخيول وأجود الأسلحة.

وافقـت انـا وجـل مـن حـضـر معـي لأمره وعدنا لديارنا لإحضار عوائلنا، ولمـا عدنـا إلـى الدرعيـة وفـر الإمـام لــكـل واحـد منـا سكناً وأمده وأسرته بمؤنـة عـام كامل مكونة من القمح والتمر والسمن، وهي في زماننا نعمـة تقـدر بأجـل الأثمـان، وأخبرنا بأنه اوجب موظفيه على دفعها لنا سنوياً، كما منح كل واحد منا فرساً أصيلة، وكساها بلباس مصنوع من الصوف المحشو؛ حتى لا تخترق السيوف والرماح جلودها، وأخيراً قام بتجهيزنا بأجود أنواع الأسلحة المتوافرة في ذلك الوقت، وهي سيوف وبنادق وبعض الخناجر.

شاركنا مع الإمام في كل الغزوات التي قادها بنفسه، فكان النصر فيها حليفنا ، وذاع صيتنا بعد ذلك في كل الديار المجاورة، وأصبح ذكرنا مرعبا لكل الخصوم بقيت المنقية اسما بارزاً في تاريخ الدولة السعودية العسكري ودليلاً على التنظيم الكبير لتلك الدولة واهتمامها بالتفاصيل الدقيقة في حماية أراضيها ومواطنيها.